U3F1ZWV6ZTk4MjUyMzU0MDUxMV9GcmVlNjE5ODYwODA4NzQ4

القراءة التركيبية لمؤلف (اللص والكلاب) لنجيب محفوظ


 القراءة التركيبية لمؤلف (اللص والكلاب) لنجيب محفوظ - الثانية بكالوريا آداب وعلوم إنسانية


1-   ملخص عام لأحداث الرواية :

تتمحور مجمل أحداث رواية "اللص والكلاب"التي نحن بصدد الاشتغال عليها حول شخصية مهمة وهي سعيد مهران، الذي خرج من السجن ليجد نفس مجبرا في سجن أكبر، وذلك بعد مدة طويلة قضاها بالسجن استمرت حوالي أربع سنوات، حيث كان مسجوناً بتهمة السرقة التي كلفته نيل العقاب. فقد كان لصاً ذكيا ماهراً، ولكنَّ مرَّت حياته في الرواية بالعديد من الصعاب التي يصعب تجاوزها والمشاكل المرتبطة أساسا بكل من الغدر والخيانة التي تلقاهما من زوجته نبوية، وصديقيه عليش ورؤوف علوان. هذا الأخير الذي ذهب سعيد لمقابلته مضطرا، فوجده في مكانة رفيعة، وعندما قابله، رأى أنَّ هذا الصديق يترفع كثيرا عن مجالسته ، ويتضايق منه، ولا يرغب بمقابلته نهائيا لأنَّه أصبح في مكانة مرموقة عالية. ومن هنا بدأت رحلة مهران الانتقاميّة التي قرر أن يجعلها قاسية، حيث سيبدأ أولا بمنزل عليش الذي اقتحمه ليلا بكل شجاعة، وباغت صاحبه دون شفقة بطلق ناري أرداه قتيلا، متغاضيا عن الزوجة الخائنة نبوية لرعاية ابنته سناء. وهكذا تستمر محاولات سعيد مهران في تنفيذ خطة الانتقام الكبرى، فيفشل أيضا في التخلص من رؤوف علوان المتعالي بالنسبة إليه، ويصيب الشخص الخطأ مرة أخرة بطلق ناري قاتل، مما زاده إحباطا وإحساسا بالفشل من جديد، ومما عمق ذلك غياب نور المفاجئ والغير مبرر الذي طوق الحصار على مهران، في غياب أي عنصر مساعد له أو مشفق عليه، الأمر الذي سيعجل باستسلامه بعد محاصرة الشرطة له.

2-   الدلالات الاجتماعية والتاريخية للأحداث:

  تنفتح رواية " اللص والكلاب " على دلالات اجتماعية وتاريخية عديدة يمكن تحديدها بوضوح كما يلي:

- الواقع الأمني السائد في مصر والعالم العربي، الذي تتفشى في ظله اللصوصية والتهريب، وعقد الصفقات المشبوهة ك  ( الصفقة التي عقدها المعلم بياضة بوجه مكشوف في مقهى المعلم طرزان ).

- ظاهرة الخيانة الزوجية المؤلمة ( تجسدت مثلا في خيانة نبوية لسعيد ).

- خيانة المواقف والمبادئ بالتخلي عنها ( تجسدت بوضوح في تخلي رؤوف علوان عن جميع مبادئه السابقة ).

- ظاهرة الزهد والتنسك  (تجسدت في علي الجنيدي)، إلى جانب السلوكات الشاذة الغير مقبولة في المجتمع كالدعارة (تجسدت في نور ).

- استغلال المناصب الكبرى وتوظيفها بشكل فاضح في المصالح الخاصة (تجسد في استغلال رؤوف علوان لجريدة الزهرة ، لتشويه سمعة صديقه السابق سعيد مهران ).

3-   القيم والأنساق الفكرية في الرواية:

الخيانة: تمثلت في خيانة عليش ونبوية لسعيد مهران ( خانتني مع حقير من أتباعي).       

- الكراهية: تمثلت في كراهية سعيد لنبوية وعليش ورؤوف علوان  كذلك بعد خيانته.

- اللصوصية: تمثلت في سعيد قبل دخوله السجن، وعليش بعد استحواذه على ممتلكات سعيد.

- الزهد والتنسك: تمثل في الشيخ الجنيدي ومريدوه.

- الحب: تجسد في حب سعيد لابنته سناء ولزوجته نبوية قبل خيانتهما له، وكذا حب نور لسعيد مهران حبا مطلقا .

- التضامن: تمثل بوضوح في تضامن نور والمعلم طرزان والشيخ الجنيدي مع سعيد.

4-   الموضوعات والتيمات النفسية الحاضرة في الرواية:

تيمة الموت : موت القيم ، موت العلاقات الأسرية، موت الأشخاص الأبرياء.

تيمة الحب: حب سعيد لابنته وزوجته وأصدقائه وللانتقام - حب الشيخ الانعزال والعبادة...

تيمة الغربة: الغربة النفسية لسعيد مهران، وغربته داخل المجتمع وداخل السجن.

تيمة اليأس والاستسلام: يأس سعيد مهران من محاولاته الفاشلة للانتقام، ثم استسلامه في نهاية المطاف.

تيمة الخيانة: خيانة عامة ( رؤوف، خيانة المبادئ ) خيانة خاصة ( خيانة عليش ونبوية لسعيد ).

5-   الرؤية السردية في الرواية:

إن المتتبع لرواية (اللص والكلاب)، والمتقصّي لجميع أحداثها وشخصياتها، يجد عند تحديد الرؤية السردية تأرجحا واضحا للأنواع الثلاثة للرؤية السردية : فمثلا في بداية المؤلف تحضر الرؤية السردية ( من الخارج ) عندما يسرد ويصف في قوله: ( مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية، ولكن في الجو غبار خانق وحر لا يطاق... وهو واحد خسر الكثير حتى الأعوام الغالية... )

      وعندما نتابع القراءة المعمقة نجد الراوي يتكلم بوضوح باسم سعيد مهران، مشكلا بذلك شخصية مشاركة في الحدث، وبذلك تحضر هنا الرؤية ( مع). يعتبر البطل سعيد مهران في منظور الراوي موضوعا للتبئير ( التبئير على الشخصية من خلال تركيزه عليها دون غيرها ، وتتبعها من بداية الرواية إلى نهايتها ). وفي الوقت نفسه يتم بواسطتها تبئير عالم الرواية وأحداثها وشخصياتها، أي أنها تصبح ذاتا للتبئيرفي النهاية .

غير أننا قد نتحدث عن الرؤية من الخلف، عندما استلقى سعيد على شاطئ نهر النيل، محدثا نفسه عن سلوك رؤوف علوان الذي تغير بشكل مفاجئ،  وبالتالي صنف ضمن الخونة، فالراوي يعرف ما يجول بخاطر الشخصية.

6-   تصنيف الشخصيات في الرواية ومواقفها:

- الخصوم: نبوية، عليش، رؤؤوف علوان

- المتعاطفون: المعلم طرزان، غلي الجنيدي، نور

 - الغنى والبذخ: تمثله نبوية وعليش ورؤوف علوان.

   - البساطة والتواضع : يمثله الشيخ الجنيدي وطرزان ونور.

   - التغير والانقلاب في السلوك:  يمثله عليش ونبوية ورؤوف علوان.

   - الثبات والحفاظ على الود:  يمثله الجنيدي وطرزان ونور.

7-   التأليف والتركيب:

قام الكاتب نجيب محفوظ بتقسيم روايته "اللص والكلاب" حسب الفصول، وجعلها ثمانية عشر فصلا مهما، كل فصل يركز بشكل ما على لحظة من لحظات تطور الرواية، وهي ترصد بوضوح حركات الشخصية المحورية الرئيسية في الأحداث "سعيد مهران" من زمن الخروج من السجن إلى لحظة استسلامه، في شكل متواليات سردية تشكل تطور الاحداث، معتمدا تقنية المشاهد السينمائية، إذ يقدم لنا كل مشهد حدثا متكاملا، فقسمت الرواية إلى فصول متسلسلة ومرتبة تتركب من متواليات كبرى هي:

-الخروج من السجن.

-البحث عن مأوى بعد استيلاء الخونة (عليش- نبوية) على بيته.

- الجريمة.

- المطاردة.

 -الاستسلام.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة